الملك غازي الاول ،، سلسلة حكام العراق
مكامن التاريخ مكامن التاريخ
67.5K subscribers
26,969 views
660

 Published On Premiered Nov 8, 2022

الملك غازي الاول ،، سلسلة حكام العراق

..............

ثاني ملوك المملكة العراقية، وأحد أحفاد الشريف حسين بن علي، تقلّد حكم العراق في سن مبكرة ضمن مرحلة مفصلية وخطيرة من تاريخ المنطقة، وتوفي صغيراً كذلك ضمن واقعة غامضة لا تزال تُحيط بها الأقاويل والشُّبهات.

الملك غازي الأول

بعد وفاة الملك فيصل الأول بشكل مفاجئ في مدينة بيرن السويسرية، جاء ليخلفه من بعده ابنه الملك غازي الأول، ذلك الشاب اليافع الذي شهدت السياسة العراقية في عهده القصير تغيُّرا ملحوظاً.
وُلد غازي الأول في مدينة مكة المكرمة عام (1911)، ووفد إلى بغداد مع والدته وشقيقاته في عام (1923)، تلقى ثقافته الأولية في مدارس الحجاز، قبل أن يتتلمذ على يد مجموعة من الأساتذة الإنجليز في بغداد، سافر إلى لندن في مارس/آذار عام (1926)، فدرس في كلية هارو، وعند رجوعه إلى العراق درس في الكلية العسكرية لمدة أربع سنوات، لكن التقارير كانت تشير إلى أن تقدُّمه العلمي والعسكري كان ضعيفا، رغم ذلك فقد أتقن ركوب الخيل بمهارة، وأصبح ولي عهد لوالده الملك فيصل الأول، قبل أن يعمل نائبا للملك على العرش خلال غياب والده الأخير عن العراق في صيف العام (1933).

حين ارتقى الملك غازي الأول إلى عرش العراق، أبلغ السفير البريطاني آنذاك همفريس بأنه سينتهج سياسة والده، والتي اعتمدت على الصداقة والتعاون الكامل والتحالف مع بريطانيا، بيد أن غازي لم يكن في الواقع الملك الذي أرادته بريطانيا، فقد كان شابا وطنيا متحمسا، وقف على مساوئ البريطانيين ووعودهم الكاذبة لجدّه الشريف حسين وللعرب، فنشأ على كُرههم، وكان يُعرقل الحكومات العراقية الموالية لهم، ويرفض التعاون المطلق مع شركة النفط البريطانية الأجنبية، وعلى الرغم من أن خطواته كانت ضئيلة وضعيفة في وجه الهيمنة البريطانية فإن إعلانه المتكرر ضرورة قيام حكومة وطنية تخدم الشعب العراقي أولا أعطاه الشعبية في الشارع العراقي.
وكنتيجة لمقته بريطانيا وسياستها.. تقرب غازي من الألمان، الذين أهدوه معدات لإنشاء إذاعة جديدة، أطلق عليها اسم "راديو قصر الزهور"، والتي جعلها في قصر الحكم، فكان يتولى بنفسه إذاعة الأخبار والتعليقات بالتعاون مع كبار الضباط العراقيين، وهو ما اعتبرته بريطانيا دعاية وطنية وقومية حادّة، فازدادت شعبيته في الدول العربية المجاورة، لا سيما في سوريا والكويت والأردن، إلى الدرجة التي وافق فيها المجلس الكويتي بأغلبية عشرة نواب من أصل أربعة عشر على الوحدة مع العراق تحت حكم الملك غازي، الأمر الذي اعتبرته بريطانيا تهديدا لمصالحها وخططها في الشرق الأوسط. كانت السياسة البريطانية تميل إلى نوري السعيد الذي تقلّد رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية عدة مرات، هو رجل الإنجليز في العراق، فضلا عن بعض أفراد الأسرة الهاشمية الذين رأوا في تصرفات غازي تهديدا لوجودهم، ومن هنا أصبح غازي موضع رصد خاص، حتى أنه جاء على لسان السفير البريطاني في إحدى برقياته بأن "الملك غازي يجب أن يُسيطر عليه أو يُخلع".

ومنذ صيف العام (1936) أي بعد ثلاث سنوات فقط على حُكم الملك غازي، كانت الوثائق البريطانية تتناول مسألة البديل الذي يمكن أن يحل محله من الأسرة الهاشمية، والتي انحصرت بالأمير نايف بن عبد الله بن الحسين والأمير عبد الإله بن علي بن الحسين أبناء عم غازي، وكان عبد الإله من الشخصيات المقربة للإنجليز، ويبدو أن هذه المسألة خرجت آنذاك من نطاق الغرف المغلقة إلى الشائعات العامة، ما شجع الفريق بكر صدقي على القيام بانقلاب التاسع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول عام (1936)، وكان مما ذُكِر في أمر تلك الحركة أن "الوزارة الهاشمية كانت تنوي خلع صاحب الجلالة الملك غازي. إلا أن انقلاب بكر صدقي لم يلقَ الدعم الكافي، وسرعان ما فشل، وأُلقي القبض عليه وإعدامه، فخافت بريطانيا من التقارب الوثيق بين الجيش والملك غازي، فأوعزت إلى نوري السعيد بإعلان الأحكام العرفية، والقضاء على أية بؤرة عسكرية تُهدِّد مصالحها عام (1939).

كان الملك غازي يشعر بأهمية الجيش العراقي وضرورة إعداده جيدا ليكون جاهزا للقيام بدوره في استكمال تحرير العراق وتحقيق الوحدة ودعم القضايا القومية، فخطط لأن يقوم بإنهاء السيطرة البريطانية تمهيدا لأداء العراق دوره القومي، خاصة وأن الملك تغذي على تلك المفاهيم من خلال وجود الأندية الاجتماعية ذات النشاط السياسي، فضلا عن احتكاكه بضباط الجيش الذين يحملون الأفكار القومية، وقد أبدى غازي اهتمامه بالجيش العراقي وتطويره وتقويته ومتابعة أنشطته، حتى غدا الملك ملجأ للضباط الذين يصطدمون بضباط البعثة العسكرية البريطانية، فيُقدِّم لهم المساعدة ويُساندهم ويحثّهم على عدم الاهتمام بالضباط البريطانيين.

وعشية مقتل الملك غازي بدا الموقف أن ثمة صراعا بين اتجاهين؛ الأول يقوده الملك ويؤيده فيه عدد كبير من ضباط الجيش ورئيس الديوان الملكي رشيد عالي الكيلاني، وكلهم من الداعين للانعتاق التام من الهيمنة البريطانية، والمطالبين بالوحدة العربية لا سيما مع الكويت وغيرها، وبين فريق آخر على رأسه بريطانيا ورئيس الوزراء نوري السعيد والأمير عبد الإله بن علي الهاشمي ابن عم الملك وأخو الملكة عالية زوجة غازي.

بات بقاء الملك غازي على رأس السلطة في العراق يُثير المشكلات في وجه بريطانيا، وأصبح يُهدِّد مصالحها في العراق والمنطقة، فكان التخلُّص منه أمرا ضروريا وحتميا في نظرها، وفي صباح الرابع من إبريل/نيسان (1939)، نعى مجلس الوزراء الملك غازي على إثر اصطدام سيارته التي يقودها بنفسه بالعمود الكهربائي الواقع بالقرب من قصر الحارثية القريب من قصر الزهور الذي يقيم فيه، فهوى العمود على السيارة وأصاب رأس الملك إصابة بليغة أودت به.

show more

Share/Embed